أنا مضطرب نفسياً

 أنا مضطرب نفسياً...

بقلم: أحمد بن درويش الهادي. 

🔸️🔹️🔸️🔹️🔸️

حتى الأن، هناك الكثير من الصورة الذهنية المشوهه وغير الصحيحة عن الاضطرابات النفسية، وهذا الأمر منتشر لدى بعض المجتمعات، بل حتى بعض المصابين لديه نظرة غير صحيحة عن الاضطراب وعن نفسه، والبعض الآخر يظن أن المصاب باضطراب نفسي ذو شخصية ضعيفة أو غير طبيعي وغيرها الكثير من التفاسير التي تعود بذلك لأسباب كثيرة منها،ما تصوره بعض الأفلام والمسلسلات، وقِلّت البرامج العلمية والتوعية في الصحة النفسية، وأيضاً لا يخفى ما يتم تناقله من معتقدات خاطئة ومشوهه عن الطب والعلاج النفسي.

بفضل الله، في السنوات الأخيرة عند قدوم وسائل التواصل الحديثة،ساهم الكثير من المختصين في مختلف التخصصات ومن بينها الطب والعلاج والارشاد النفسي، في التوعية والإرشاد وساهم في تعديل جزء كبير من الصور الخاطئة عن الاضطرابات،وتوضيح أهمية الصحة النفسية والذهنية وأنها لا تقل أهمية عن صحة وعافية الجسد، والحث على طلب المساعدة والذهاب للعلاج النفسي، والتّدرب على كسب مهارات أساسية كالتقبل والتكيف والتعامل السليم مع الأفكار والمشاعر وممارسة الرياضة والهوايات والبعد عن الفراغ.

الاضطراب النفسي يؤثر على صحة الإنسان إذا لم يُعالج، يؤثر على مشاعره ومزاجه وسلوكه وهناك حالات تأثر أدائه للعمل والدراسة وعلاقاته الإجتماعية، فعلى الإنسان أن يرفق بنفسه ويتجه للعلاج النفسي،وهناك ملاحظة أود التذكير بها ، أن المختصين في المجال النفسي يُفضلون استخدام مصطلح( اضطراب نفسي) عن مصطلح( مرض نفسي ) وذلك لأسباب يمكنكم البحث عنها ،أما الهدف من هذا المقال هو توضيح بعض النقاط التي لابد أن يعلمها المصاب خاصة ومن يكون قريباً منه، وهذه التنبيهات عسى أن تساهم وتساعد في التخفيف بإذن الله، وهي كالتالي :

١- الذي تمر به من اضطراب ليس بسببك أنت،فلا تلُم نفسك، ولكن أنت المسؤول عن طلب العلاج.

٢-لابد أن تُفرِّق بين الاضطراب النفسي الذي تمر به وبين شخصيتك،فالإضطراب شيء وأنت شيء آخر ، وللتوضيح أكثر، أن الأفكار المزعجة والسيئة والقهرية التي تأتيك وتسبب لك ضيق و خوف وحزن هي ليست أنت ،والدليل أنها سوف تذهب بزوال الاضطراب، فلا تتهم وتلُم نفسك أنك سبب وجودها،اذهب للعلاج النفسي.

٣-أنا سيء وشخصيتي ضعيفة، مثل هذا الشعور والأفكار والخواطر هي أوهام لا صحة لها، أنت لست كذلك، لا تنسى أنك في حالة ضعف واضطراب ،فطلب المساعدة من مختص. 

٤-إلى كل إنسان لديه قريب يعاني من اضطراب نفسي ،لا تلُمه و لا تعاتبه ولا تقسوا عليه ،ولا تتهمه أنه ضعيف وغير قادر على التخلص من ما هو فيه ،لماذا لأنه ليس بيده ،بل واسِه وكن معه وارشده على العلاج النفسي، قال الله تعالى : ﴿إني أنا أخوك فلا تبتئس ﴾.

٥- أنت تعاني من مدة طويلة فلا تشترط أن تتحسن سريعاً أو بعد الجلسة الأولى، لا بأس عليك، قد تحتاج إلى وقت، تفهّم طبيعة ما تمر به ،وتعاون مع المختص .

٦- أنصحك أن تلتزم بممارسة الرياضة باستمرار وحضور المناسبات الاجتماعية ومشاركة الناس أفراحهم وأتراحهم، وأن يكون لديك نصيب من القراءة والاطلاع ،وتفهم طبيعة الاضطراب الذي تمر به فهذا يُخفف عنك ويساهم في التحسن والشفاء بإذن الله.

٧- إصابتك بالاضطراب لا يعني نهاية المطاف،واعلم أن ما تمر به مؤقت وزائل بإذن الله، اسعى لطلب العلاج النفسي وسوف تكون أفضل واحسن مما كنت ،فلنصبر عند الابتلاء ونرضى بما قدّر سبحانه جل جلاله، ولنعِش حياتنا بحلوها ومرها .

وقبل مُدة كُنت اتابع مقابلة وكان الضيف الأستاذ أسامه الجامع -أخصائي ومعالج نفسي، وعندما سُئِل عن سبب الإصابة بالاضطرابات النفسية،أي لماذا يصاب الإنسان باضطراب نفسي؟ ، فأجاب وذكر : أنه إلى هذه اللحظة لا يوجد سبب مباشر معروف عن سبب الإصابة بالاضطرابات النفسية، أي لا يمكن أن يقال أن اصابت فلان بالاكتئاب بسبب كذا ، (ثانياً) - علمياً هناك (عوامل مساعدة) ويطلق هذا المصطلح على أحد الأسباب المؤديه للإضطرابات النفسية،كالاستعداد الوراثي والتغيرات الجينية والهرمونات، وأيضاً طبيعة البيئة والتنشئة الأسرية وطريقة التفكير وإدارة المشاعر والضغوط الخارجية وغيرها.

في نهاية هذه الكلمات، الإنسان يحتاج إلى مُعين والمُعين بعد الله هو الشخص المختص الذي يفهمك،الذي لديه العلم والمعرفة، العلاج النفسي يساعدك بصورة واضحة في التعامل السليم مع نفسك وافكارك ومشاعرك، وكيفية التعامل الصحيح مع الاضطراب، ويعلمك المهارات اللازمة لذلك، وأهمها إكتساب مهارات جديده والتخلص من أي سلوك غير صحي ،أسأل الله أن يشفي ويعافي كل من يعاني ويلطف بالجميع ، اللهم آمين. 

دمتم في حفظ الله ورعايته سالمين غانمين 🍀

ليلة الثلاثاء ، ١٧ ربيع الأوّل ١٤٤٥هجري.